بقلم: فائزة الوناس حداد
خبيرة إدارة الأعمال
أدّت ثورة الإتصالات والمعلومات إلى ظهور تغيرات جوهرية في الاقتصاد، فظهر الاقتصاد الرقمي الذي يعتمد على تقنية المعلومات والاتصال، وقد أصبح هذا الاقتصاد سمة بارزة في الاقتصاد العالمي الذي يشهد تغيرات متسارعة ومستمرة خاصة بعد انتشار جائحة كورونا.
ولا يتعلق التحول الرقمي في جوهره فقط بشبكة الإنترنت وإنما باستخدام أحدث التقنيات للحصول على أفضل النتائج.
إن إندماج أي مشروع أياً كان حجمه في الاقتصاد الرقمي يتوقف على مجموعة من الأسس الواجب توفرها في هذا المشروع، وفي نفس الوقت تعتبر مؤشرات من خلالها يمكن الحكم على مدى جاهزية المشروع للدخول في الإقتصاد الرقمي، ومن أهم هذه المؤشرات:
- البنية التحتية للإتصالات والمعلوماتية والتي تتضمن تقنيات الإتصال والجاهزية الرقمية، الاتصالات السلكية واللاسلكية، ومؤشر عدد مستخدمي الإنترنت، والذي يعكس مدى جاهزية المشروع للإقتصاد الرقمي.
- توظيف المعلوماتية: والتي تتجلى بوضع أسس لتشغيل المشروع وفق النظم الإلكترونية الحديثة في ظل المنافسة الشديدة التي يشهدها قطاع المشاريع والأعمال سواءاً محلياً، إقليمياً أو دولياً.
- التجارة الالكترونية والتسويق الالكتروني: سواءاً كان التسويق الالكتروني الساكن والذي يكتفي بعملية العرض والطلب فقط، أو التسويق الالكتروني الكامل عبر إكمال دورة التسويق كاملة حتى وصول المنتج للعميل.
وهنا تبرز أهمية الاقتصاد الرقمي في تحقيق الازدهار لرواد الأعمال والمشاريع وتجدر الإشارة إلى أن الاقتصاد الرقمي يتداخل بشكل متزايد مع الاقتصاد التقليدي، حيث يعتمد على الترابط بين الأشخاص والمؤسسات والآلات التي تنتج عن الانترنت وتكنولوجيا الهاتف الذكي والانترنت.
ومن أجل إنجاح عملية الاندماج بين الاقتصاد الرقمي والاقتصاد التقليدي خصوصاً مع الأزمة الحالية التي يشهدها العالم والتي ألقت بظلالها على المشاريع بمختلف أحجامها يجب التركيز على أربعة مجالات أساسية وهي :
- شبكات الانترنت: يساهم الدمج بين العالم المادي والرقمي لأي مشروع في جذب الأصول إلى المجال الرقمي حيث تهيمن البرمجيات، فعندما يتمكن صاحب المشروع من معرفة قيمة أصوله المادية والرقمية في أي لحظة، سيتمكن من العمل بدقة مما يمهد الطريق للتحول الرقمي الكامل.
- شبكات التوريد الرقمية: إن تحويل المشاريع إلى نظام رقمي يؤدي إلى إنشاء شبكات رقمية ذكية جديدة ستغير جذريا من طريقة إدارة المشروع وتحسينه ومشاركته ونشره في ظل الإجراءات الجديدة التي فرضتها جائحة كورونا.
- تجارب العملاء: يتيح الاقتصاد الرقمي الفرصة للتعرف على تجارب العملاء من رواد الأعمال والمشاريع والمستهلكين على حد سواء أينما كانوا ومتى يريدون وبطريقة أكثر ملاءمة لهم.
- مستقبل الأعمال والمشاريع: من المعروف في الاقتصاد التقليدي أن أصحاب المشاريع والموظفين يتوجهون إلى مكاتبهم يومياً لممارسة الأنشطة المختلفة من إدارة وتسويق ومالية ومحاسبة.. لكن في الاقتصاد الرقمي يمكنهم العمل من أي مكان (المنزل ، المقهى، المطعم، ..) ويتطلب ظهور مثل هذه المشاريع المرنة وجود نظم إدارة للمجتمع الجديد المكون من مواهب متفاعلة فيما بينها.
ومع التحولات التي فرضتها أزمة كورونا، ساهمت الاتجاهات الرقمية مثل الحوسبة السحابية وخدمة الويب والشبكات الذكية في إحداث تغيير جذري لمشهد إدارة المشاريع والأعمال وأعادت تشكيل طبيعة العمل وحدود الشركات ومسؤوليات أصحاب المشاريع وتتجاوز هذه الاتجاهات عتبة الابتكار التكنولوجي، وهي بمثابة تحفيز لنماذج المشاريع الجديدة والشبكات التجارية، حيث أظهرت أرقام المبيعات أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة في العديد من البلدان والتي انخرطت بنشاط رقمي مباشر مع العملاء على الإنترنت قد شهدت معدلات نمو في المبيعات تصل بما معدله 22% أعلى على مدى ثلاث سنوات من تلك المشاريع التي لم تنخرط في النشاطات الرقمية، حيث أخفقت في الاستفادة الكاملة من التقنيات الرقمية كفرصة للتوسع وخلق آفاق ربح جديدة.