بقلم امل المنشاوي
تبدأ حياتنا به، منذ الصرخة الأولى، حين يضعه الله في قلوب أبوينا حنواً ورحمةً وحمايةً، تمتد ما وسعهم العمر فيضاً خالصاً من الود، ومشاعر صافية عصيّة على الوصف.
تتلقفنا في ظله الأيادي المحبة لنا ونحن صغار، فنظل نركض ببراءة الأطفال خلف إحساسنا به معهم، جدٌ يدلل، وجدة تخبئ أطايب الحلوى في خزانتها لأجل عيوننا، وأقارب يرقبون قدومنا بقلوب ملؤها الفرح، كما العيد في بهجته.
تهديه لنا الأقدار على غير موعد وبلا ترتيب، قلباً منشطراً حائراً يبحث عن نصف يكمله ويشاطره الرحلة، فنمتلك به العالم، ونكتفي بجواره أيما اكتفاء.
نرى بعيونه كل المزايا، ونتغافل عن النواقص والعيوب إكراماً له، ونحارب تحت رايته ببسالة محارب قديم، وندافع باسمه بلا تردد ولا تفكير.
تتآلف به الأرواح، ويُفَك به عبوس وجوهنا، وتهدأ انفعالاتنا، ويسودنا جمال داخلي يبدلنا أشخاصاً آخرين محبين للكون، رغم كل حماقاته.
يخلق مساحات ود تنسينا صخب الحياة وعتمتها، وتختفي بين الإخلاص له كل المصالح والحسابات، ونؤثر من نحب على أنفسنا، ونسعد بسعادتهم، وتتسع به القلوب والأماكن للأهل والجار والصديق، فنصبح قادرين على الصفح والتجاوز، والتماس الأعذار، والعيش بسلام.
هذا هو الحب الذي يحتاجه الكبير والصغير في كل حين، فيض نوراني من روح الله الكريمة، وضعه في الأرض لنحتمل به قسوة الطريق وعثراته، ونستمد منه القدرة على مواصلة الرحلة، وشحذ الهمة، ومجابهة الأحزان.
هذا هو الحب، علاقة إنسانية واسعة، ومشاعر تحتوي الجميع، وكلمات عذبة تخرج من القلب فتزيد سعادتنا وترفع مناعتنا.
نصادفه أحياناً فتطرب قلوبنا المحظوظة لهذا الوهج الذي ينير نفوسنا، لكنه أيضاً يُخلق بطيب العشرة والاحترام والإخلاص.
نحتاج الحب لنتعايش ونتسامح ونتراحم، وهذا هو جوهره ورسالته السامية في حياة البشر منذ الأزل وحتى تنتهي الحياة.
ونظلمه حقاً إن حددنا له يوماً أو عيداً، أو اختزلنا إحساسنا الدائم به وحاجتنا إليه في هدية أو برقية أو رسالة ملونة، أو قصرناه على علاقة شخصية ضيّقة.
أخبروا من تحبونهم بصدق مشاعركم في لحظتها، وفي كل وقت، فالحياة قصيرة، والأبدان تصح بصحة القلوب.