المرصد | متابعات
أكد وزير الدولة لريادة الأعمال والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، الدكتور أحمد بالهول الفلاسي، أن قطاع السياحة يعد من أكبر القطاعات التي تستقطب مختلف الكفاءات العاملة في الدولة، حيث يوفّر قرابة 750 ألف وظيفة، لافتاً خلال مشاركته في جلسة المجلس الوطني الاتحادي، التي عقدت أمس، إلى أن أحد أهم التحديات التي تواجه ملف التوطين في هذا القطاع تتمثل في عزوف المواطنين عن العمل في قطاع الضيافة بالمنشآت الفندقية تحديداً، فيما أكد تقرير برلماني اعتمده المجلس، ملاحظة بشأن تدنّي معدلات التوطين في هذا القطاع، والتي لم تجاوز 0.07% عام 2020.
وخلال الجلسة أفاد وزير الطاقة والبنية التحتية رئيس مجلس إدارة شركة الاتحاد للماء والكهرباء، سهيل بن محمد المزروعي، بأن قرار زيادة أسعار الكهرباء على أصحاب المزارع، صادر عن مجلس الوزراء وليس من الشركة، مؤكداً أن «الحكومة تعاملت مع هذا الملف باعتباره مسألة أمن وطني»، لحماية المزارعين من استنزاف المياه الجوفية للدولة وارتفاع معدلات ملوحة الأرض.
وقال: «صحيح لجأنا إلى رفع كلفة الكهرباء للمزارع، لكن في المقابل تم تعويض أصحاب المزارع عن ذلك بدعم أسعار المياه التي توفرها الشركة لهم»، داعياً أصحاب المزارع إلى سرعة التقدم بطلبات توصيل شبكة المياه لمزارعهم، لاسيما أن إجمالي عدد طلبات التوصيل التي تلقتها الشركة حتى الآن لا يتجاوز 300 طلب من أصل 9000 مزرعة.
وتفصيلاً، عقد المجلس الوطني الاتحادي، أمس، جلسته الخامسة من دور الانعقاد العادي الثالث للفصل التشريعي الـ17، في مقر المجلس بأبوظبي، برئاسة النائب الأول لرئيس المجلس، حمد أحمد الرحومي.
وناقش المجلس خلال الجلسة موضوع سياسة وزارة الاقتصاد بشأن دعم قطاع السياحة في الدولة، بحضور وزير الصحة ووقاية المجتمع وزير الدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي، عبدالرحمن العويس، ووزير الدولة لريادة الأعمال والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، الدكتور أحمد عبدالله بالهول الفلاسي، وعدد من مسؤولي قطاع السياحة بالوزارة وممثلي الحكومة.
واستعرض الأعضاء تقرير لجنة الشؤون المالية والاقتصادية والصناعية للمجلس، حول الموضوع، والذي خلص إلى عدد من الملاحظات، أبرزها: عدم وجود تشريعات وقوانين اتحادية تنظم قطاع السياحة، تطور المنتج السياحي، توافر البيئة الاستثمارية المناسبة لجذب رؤوس الأموال الأجنبية، اعتماد كل إمارة على تشريعاتها المحلية، ضعف تسويق هوية القطاع السياحي في الدولة في ظل تعدد وتنوع الرؤى المحلية في تسويق الهوية السياحية المستقلة عن كل إمارة، وقد أثر ذلك سلباً في «تقييم استراتيجية الهوية السياحية» للدولة في عام 2017 مقارنة بعام 2019، بسبب غياب المبادرات والبرامج التسويقية للهوية السياحية الموحدة، بالإضافة إلى تدنّي معدلات التوطين في قطاع السياحة الخاص، حيث بلغ معدل التوطين (0.07٪) عام 2020، وهي نسبة منخفضة مقارنة بالقطاعات الأخرى، ولا تلبي متطلبات المشروعات التنموية والاستثمارات الأجنبية في الدولة.
وردّاً على مداخلات أعضاء المجلس خلال مناقشة الموضوع العام، أكد وزير الدولة لريادة الأعمال والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، الدكتور أحمد بالهول الفلاسي، أن الإمارات تفوّقت في مستوى الإشغال الفندقي خلال عام 2021 على أفضل 10 مدن سياحية عالمية، وحققت 90% من الإيرادات التي كانت تحققها قبل جائحة «كوفيد-19»، لافتاً إلى أنه تم تطوير هوية مؤسسية موحدة للترويج للدولة بشكل عام لاستقطاب السياح الذين يأتون من دول بعيدة.
وقال: «الهوية السياحية الموحدة للدولة، مستوحاة من هوية الإمارات، وهي في المرتبة 18 ولها قيمة سوقية كبيرة تجاوز 750 مليار دولار، متفوقة على دول متقدمة مثل الولايات المتحدة الأميركية، وهناك جهد جبار للترويج، وتم جذب مؤثرين اجتماعيين من المنطقة ومن خارجها، وسوقوا لتاريخ الإمارات والتراث والمناطق خارج المدن الرئيسة والتي لم تحظ بترويج مسبق، وهي بداية، وهذه الدورة الثانية وخططنا مع المحليات أن نستهدف المناطق البعيدة».
وأشار إلى أن أكثر ما يميّز قطاع السياحة في الدولة هو التنوع، لاسيما أن هذا القطاع يعد من أكثر القطاعات التي تأثرت بجائحة كورونا والتطورات العالمية، لكن وجود منظومة صحية متكاملة في الدولة، أعطى ثقة للسائح من خارج الإمارات لزيارة الدولة.
وفيما يتعلق بملف التوطين في قطاع السياحة، أفاد الفلاسي، بأن هذا القطاع يعد من أكبر القطاعات التي تستقطب مختلف الكفاءات العاملة في الدولة، كونه يوفر قرابة 750 ألف وظيفة، لافتاً إلى أن أحد أهم التحديات التي تواجه ملف التوطين في هذا القطاع يتمثل في عزوف المواطنين عن العمل في قطاع الضيافة بالمنشآت الفندقية تحديداً، لأسباب مختلفة تتعلق بتقديم المشروبات الروحية وقلة الرواتب في بداية العمل.
وقال: «الآن هناك انفتاح أكثر في هذا الأمر، كما توجد قطاعات سياحية أخرى تستقطب الكوادر المواطنة، وهناك وظائف عديدة وهناك فرص كبيرة للمواطنين، ونتوقع أن ينخرط المواطنون في الوظائف المتوفرة بعد توفر الدعم في الرواتب الذي توفره الحكومة من خلال برنامج (نافس)»
وكشف أن الوزارة استحدثت أول رخصة اتحادية لمزاولة مهنة الإرشاد السياحي في مختلف المواقع السياحية والأثرية بالدولة، موضحاً أن هذه الرخصة مخصصة للكوادر المواطنة الراغبة في العمل بمهنة الإرشاد السياحي.
وأضاف الوزير: «لاحظنا خلال الفترات الماضية طلباً متزايداً من مختلف السيّاح ومرتادي المواقع السياحية والأثرية في الدولة، على المرشدين السياحيين المواطنين للاستفادة من معلوماتهم وخبراتهم في شرح وتوضيح المعلومات الأثرية والتراثية كافة، وهو ما دفعنا لاتخاذ قرار الرخصة الاتحادية للإرشاد السياحي، بهدف جذب قطاع كبير من الكوادر المواطنة الراغبة في العمل بهذه المهنة المهمة، لاسيما أن عدد المواطنين الذين يعملون بها لا يتجاوز 500 مرشد سياحي».
وتابع الفلاسي: «الرخصة الموجودة هي من دون رسوم للمواطنين، والإرشاد السياحي لكل إمارة له شقان، أحدهما عام والآخر معني بالمنتج السياحي المحلي لكل معلم وكل إمارة، وهذه الرخصة تم توحيدها، على أن يخضع مزاولة النشاط لاشتراطات كل إمارة».
ووجّه عضو المجلس، محمد عيسى الكشف، سؤالاً لوزير الطاقة والبنية التحتية رئيس مجلس إدارة شركة الاتحاد للماء والكهرباء، سهيل بن محمد المزروعي، حول «زيادة أسعار الكهرباء على مزارع المواطنين»، فأجابه الوزير بأن «كلفة المياه في الإمارات لا تقل عن 3.5 فلوس في المتوسط للغالون الواصل للبيت أو المزرعة، وفي السابق لم تكن لدينا تعرفة مياه للمزارع، ولكن نظراً للمحافظة على المياه الجوفية للأجيال المقبلة، ارتأى مجلس الوزراء تركيز الدعم على المياه، حيث قدمت شركة الاتحاد للماء والكهرباء سعراً مشابهاً للسعر المقدم لبيت المواطن وهو فلس ونصف الفلس، وفي المقابل تم رفع الدعم عن الكهرباء مع الحفاظ على دعم أسعار المياه».
وقال المزروعي: «الدعم لأسعار المياه سيوفر للمزارع مياهاً صالحة للزراعة وينتج مواد زراعية أفضل، وفي الوقت نفسه يساعدنا على تقديم حلول مستدامة للأمن المائي لدولة الإمارات، خصوصاً ونحن في بداية حوكمة وترشيد هذا القطاع الحيوي الذي يواجه تحديات جمّة، أبرزها شح الأمطار واستنزاف مخزون المياه الجوفية للدولة، وارتفاع نسبة ملوحة الأرض في بعض المناطق نتيجة نقص المياه الجوفية».
وأضاف: «منذ عام 2020 بدأت شركة الاتحاد للماء والكهرباء في التعامل مع هذه التحديات بالتعاقد وشراء كميات من المياه المحلّاة من المطوّرين والمحطات، وسواءً نجحت الشركة في تسويقها أم لم تنجح، تبقى ملزمة بشرائها، ولهذا يتم استثمار ما يقرب من مليار ونصف المليار درهم لمد شبكة إضافية على شبكة المياه الموجودة، وسوف يتم تخصيص جزء منها لتوصيل المياه لأصحاب المزارع، للاستغناء عن التحلية في مزارعهم، وهذا هو السبب في زيادة تعرفة الكهرباء التي قررها مجلس الوزراء بعد اطلاعها على دراسة كاملة، والتي بناءً على نتائجها اتُخذ القرار، مع التوجيه بتخفيض رسوم أخرى مثل رسوم توصيل الكهرباء للمزارع بواقع 50% (من 600 إلى 300 درهم)، ما يعني أن الحكومة قامت بتوزيع عملية الدعم بشكل متوازن ما بين المياه والكهرباء، من أجل الحفاظ على الأمن المائي للدولة».
وتابع الوزير: «صحيح لجأنا إلى رفع كلفة الكهرباء خصوصاً للمزارع الكبيرة، بمبلغ يراوح ما بين 1000 و1200 درهم شهرياً على المزارع الكبيرة، و600 إلى 800 درهم شهرياً على المزارع الصغيرة، لكن في المقابل تم تعويض أصحاب المزارع عن ذلك بدعم أسعار المياه، وإذا نظرنا للمعادلة بشكل آخر، فهناك منظومة متكاملة للحفاظ على الأمن المائي وعدم استنزافه»، مشدداً على أن الحكومة تعاملت مع هذا الملف باعتباره مسألة أمن وطني، لذلك كانت «شركة الاتحاد للماء والكهرباء»، أول جهة تقدم تعرفة مياه للمزارع، لأنها مسؤولة ومعنية بالأمن المائي في الدولة.
توصيات
أعاد المجلس الوطني الاتحادي، خلال جلسة أمس، توصيات انتهت إليها لجنة الشؤون المالية والاقتصادية والصناعية للمجلس، حول موضوع سياسة وزارة الاقتصاد بشأن دعم قطاع السياحة، إلى اللجنة مجدداً، لإعادة صياغتها بما يتماشى ورؤية أعضاء المجلس التي تم طرحها خلال مناقشة الموضوع، على أن يتم مناقشتها وتبنيها خلال الجلسة المقبلة. ومن ضمن التوصيات اقتراح مشروعات القوانين المنظمة لقطاع السياحة، على أن تتضمن هذه المشروعات ضوابط ومعايير تنظم دعم قطاع السياحة في الدولة، إنشاء وزارة معنية بالسياحة على غرار الدول الأخرى، تكون مسؤولة عن إعداد برامج وخطط تنمية القطاع السياحي، وإعداد البرامج والمشروعات التي تدعم السياحة المستدامة في الدولة.
كما تضمنت التوصيات إعداد استراتيجية إعلامية للسياحة بالتعاون مع المؤسسات الإعلامية وتفعيل وتطوير مذكرة التفاهم الموقّعة بين الوزارة والمجلس الوطني للإعلام لتشمل الإعلام والترويج السياحي، وإعداد خطط وبرامج عمل تضمن تطوير وتأهيل الكوادر البشرية الوطنية للعمل في المجال السياحي وفق إطار زمني محدد لرفع معدلات التوطين في قطاع السياحة، وتطوير منصة رقمية موحدة تربط جميع أصحاب المصلحة في السياحة بالدولة.