ابو ظبي | المرصد | جامعات
أكد البروفيسور إريك زينغ، رئيس جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، أن الجامعة تجسد ثمرة لرؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بشأن تأسيس مركز للتعلم والأبحاث والتطوير في مجال الذكاء الاصطناعي في الإمارات، من شأنه المساهمة في إرساء دعائم اقتصاد المعرفة وضمان استدامته.
وقال: إنه بفضل الدعم المستمر الذي تلقيناه من قبل صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ومن الحكومة، نجحنا في ترسيخ مكانتنا كمركز رائد للذكاء الاصطناعي على مستوى المنطقة في غضون فترة زمنية وجيزة، وهذا ما يتجلى بوضوح عبر أعمالنا البحثية المتقدمة والمتنامية.
وأضاف أنه تحت إشراف معالي الدكتور سلطان بن أحمد الجابر وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة رئيس مجلس أمناء جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، بذل مجلس أمناء الجامعة قصارى جهدهم لتحقيق هذا الهدف.
وأوضح البروفيسور إريك زينغ أن مسألة تأسيس جامعة متخصصة في مجال الذكاء الاصطناعي في الإمارات تعد تجربة فريدة من نوعها، فالجامعات التي تتخصص بموضوع أو مجال محدد قليلة على مستوى العالم، إذ أن تعريف الجامعة المشتق من اللغة اليونانية القديمة يعني «الكون» ويشير إلى الشمولية والاتساع.
لكن الذكاء الاصطناعي يمثل في الوقت نفسه عنواناً واسعاً ومتعدد التخصصات ودون أي مبالغة، يمكننا القول بأن الذكاء الاصطناعي يؤثر على جميع التخصصات، مثل علم الأحياء والكيمياء والفيزياء والرياضيات، التي تولّد جميعها البيانات، وبالتالي، يجسّد الذكاء الاصطناعي تخصصاً واسعاً يمكن القول بأنه يستحق جامعته الخاصة.
ولفت إلى أن موقع جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي في مدينة مصدر – أحد أبرز المراكز الإقليمية للابتكار التكنولوجي.. يعد مفيداً للغاية كونه يمدُّ طلابنا بالقدرة على الاندماج بسرعة ضمن بيئة مزدهرة ومدفوعة بالابتكار.. وعلاوة على ذلك، تبدي أبوظبي التزاماً راسخاً بالاستثمار في التعليم، وتعتبر جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي بمثابة شهادة واضحة على هذا الالتزام.
ومن جهتنا، نحاول تقديم الخدمات والأفكار لإعداد الجيل القادم من القوى العاملة في الدولة. وقال البروفيسور إريك زينغ إنه بهدف استقطاب أفضل المهارات على مستوى المنطقة والعالم، نقدم للمتعلمين المحتملين عروضاً جذابة، منها منح دراسية مدفوعة التكاليف بالكامل وبدلات المعيشة وغيرها من سبل الدعم المقدمة للطلاب، ونسعى أيضاً إلى دعم قطاعات الابتكار والشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي بدولة الإمارات، تماشياً مع طموحات أبوظبي في أن تصبح وجهة رائدة للمواهب التقنية والابتكار.
وعلى سبيل المثال، شاركنا في عدد من الأنشطة التي نظمتها منصة Hub71، المنظومة العالمية لشركات التكنولوجيا الناشئة في أبوظبي.
وأضاف: «نظراً للدور المحوري الذي تلعبه الشركات في تحقيق أهدافنا، أبرمت جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي ومعهد الابتكار التكنولوجي التابع لمجلس أبحاث التكنولوجيا المتطورة في أبوظبي، شراكة تهدف إلى تأسيس إطار عمل تعاوني لتمكين البحوث الأساسية والتطبيقية المشتركة في العديد من المجالات الرئيسية للذكاء الاصطناعي.. ومن شأن تدريب أعداد متزايدة من المتخصصين في مجال الذكاء الاصطناعي أن يضمن لنا تزويد القطاع والمؤسسات العامة بالأفراد والمهارات والموارد اللازمة للتفوق في استخدامات الذكاء الاصطناعي.. وعلاوة على ذلك، قمنا بتنظيم سلسلة من الندوات الإلكترونية بقيادة نخبة من الخبراء بهدف تعزيز المعارف الأكاديمية بين أفراد المجتمع.
وقد شهدت سلسلة حوارات «MBZUAI Research Talks» وسلسلة«MBZUAI AI Talks» حضور عدد من أعضاء الهيئة التدريسية والطلاب والمهندسين المحليين، وأشرف على تقديمها وإدارتها أعضاء في الهيئة التدريسية لكل من جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي وغيرها من الجامعات الرائدة مثل جامعة «كارنيغي ميلون» و«معهد ماكس بلانك» و«جامعة نيويورك أبوظبي» على سبيل المثال لا الحصر.
ورداً على سؤال حول ما إذا كانت الجائحة تسببت بتغيير المجالات التي تركز عليها بحوث جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي؟ وما هي تلك التغييرات؟.. أجاب رئيس جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي قائلاً:«لا شك في أن جائحة كوفيد-19 أكدت على الإمكانات الواسعة لتقنيات الذكاء الاصطناعي، وقد سارع العلماء إلى توظيف قوة هذه التقنية المبتكرة لإجراء البحوث على اللقاحات ورصد انتشار العدوى وتتبع حالات المخالطة والكثير غير ذلك. وقد أثبتت جائحة كوفيد-19 أيضاً أهمية البحوث الأساسية والبحوث التطبيقية لأي تخصص علمي».
وأضاف: « من نواح كثيرة، يجسّد قطاع الرعاية الصحية منصة انطلاق مثالية للذكاء الاصطناعي نظراً لكميّة البيانات الهائلة التي يولدها، لكن مزودي خدمات الرعاية الصحية لم يصلوا بعد إلى المرحلة التي تمكنهم من الاستفادة من كامل إمكانات هذه التقنية. فمثلاً، يمكن للذكاء الاصطناعي مساعدة الأطباء على استنباط المزيد من الأفكار والرؤى المتعمقة من البيانات السريرية لتحسين فهمهم لمرضاهم واتخاذ قرارات أفضل. وبالإضافة إلى ذلك، يتفوق الذكاء الاصطناعي على الأطباء في قدرته على تحليل بيانات ملايين المرضى في ذات الوقت.
ومنذ تأسيس جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، قمنا بإعطاء الأولوية للذكاء الاصطناعي والرعاية الصحية باعتبارهما مجال بحثنا الرئيسي، وقد أظهرت الجائحة أيضاً الحاجة إلى توفير ذكاء اصطناعي آمن ومسؤول، وهو أحد المواضيع البحثية المهمة في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي». وأشار إلى قطاعات أخرى مهيأة لاستقبال أبحاث الذكاء الاصطناعي، ومنها قطاع الطاقة الذي يجسّد أحد القطاعات بالغة الأهمية في المنطقة.
فعلى سبيل المثال، يمكن للذكاء الاصطناعي تطوير نماذج تحتسب الضغط المثالي لاستخراج النفط أو التنبؤ بموعد الصيانة الوقائية اللازمة، فضلاً عن تقديم رؤى معمقة للمساهمة في تقليص الانبعاثات الكربونية، وتعزيز كفاءة استهلاك المياه والطاقة، وإدارة الجوانب الأخرى لعمليات توليد الطاقة وشحنها ونقلها. وأوضح البروفيسور إريك زينغ أنه نظراً للدور المحوري الذي تلعبه الشركات في تحقيق أهدافنا، أبرمت جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي ومعهد الابتكار التكنولوجي التابع لمجلس أبحاث التكنولوجيا المتطورة في أبوظبي، شراكة تهدف إلى تأسيس إطار عمل تعاوني لتمكين البحوث الأساسية والتطبيقية المشتركة في العديد من المجالات الرئيسية للذكاء الاصطناعي.
وقال: إن جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي تركز على إيجاد حلول استباقية للمشكلات، ويعني هذا إطلاق توجهات بحثية جديدة بدلاً من التقيد بالسائدة منها. فمثلاً، جاء اختراع أشباه الموصلات مدفوعاً بالابتكار الصرف، لا ثمرةً لأبحاثٍ طلبتها إحدى الشركات وبالإضافة إلى ذلك، نسعى إلى تدريب الطلاب المناسبين، والأشخاص الفاعلين والمنتجين في مجال الذكاء الاصطناعي والبحث العلمي، ليطبقوا معارفهم في سبيل إحداث التأثير المطلوب، ونتطلع أيضاً إلى تحويل الجامعة إلى مركز للابتكار والشركات الناشئة، لتصبح حاضنة للأفكار الجديدة وريادة الأعمال، وبالتالي الارتقاء بأبحاثنا نحو آفاق جديدة. ورداً على سؤال بشأن المواهب التي تجذبها الجامعة في الإمارات.. قال رئيس جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي:«تقدم جامعة ستانفورد نظيراً مثالياً لحالة جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، فوادي السيليكون يدين بنشأته ونجاحاته لجامعة «ستانفورد» التي قامت بتأجير أرضها للجمهور وسمحت لأعضاء الهيئة التدريسية بتأسيس شركات ناشئة. ونتيجة لذلك، تأسست مجموعة من شركات تكنولوجيا المعلومات العملاقة مثل هيوليت باكارد وديل على يد طلاب وأعضاء في الهيئة التدريسية من الجامعة.
ويشبه هذا تأثير زهرة الهندباء التي تنتشر بذورها عند هبوب الريح. وبالمثل، ومن خلال رعاية واحتضان ثقافة البحث العلمي والابتكار، نثق بقدرتنا على إعداد جيل جديد من رواد الأعمال في أبوظبي».
وأضاف:«نسعى لأن تصبح الجامعة موطناً جديداً للحياة الأكاديمية والعلمية. ومن المعروف أن الجامعات المتفوقة لا تكتسب سمعتها وشهرتها من التقنيات التي اخترعتها، بل عادة ما يذكرها الناس لكونها عاصمة فكرية أو رمزاً فريداً لثقافة المنطقة وقوتها في مجال الابتكار. وكمؤسسة حديثة العهد، أعتقد بأننا قادرون على إرساء الأسس لبيئة كهذه، وتعزيز هذه الثقافة فيما نعمل على تقديم المزيد من الأفكار الجديدة والمبتكرة.. بالإضافة إلى ذلك، نسعى إلى غرس ثقافة متميزة في مجال الهندسة والابتكار في دولة الإمارات»، لافتاً إلى أن إحدى الجامعات الشهيرة تقدم لنا مثالاً رائعاً يجدر ذكره، وهو معهد الدراسات المتقدمة في جامعة «برينستون» الذي يمثل وجهة رئيسة لأبحاث الفيزياء والرياضيات، وكان ألبرت آينشتاين أول موظفي المعهد.
وقد اجتذب حضوره العديد من العقول اللامعة الأخرى. وبذلك، يكون المعهد قد اتبع مقاربة هرمية تنازلية لإنشاء ثقافته الخاصة، وهي المقاربة ذاتها التي تتبعها جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي. وفي نهاية المطاف، نسعى لتحقيق أهداف الرؤية الطموحة لقيادة دولة الإمارات من تأسيس هذه الجامعة. وحول نوع الشراكات التي تسعى الجامعة لإبرامها؟.. قال البروفيسور إريك زينغ: إن الجامعة ترتبط ارتباطاً وثيقاً وتندمج بعمق في نسيج المجتمع المحلي في دولة الإمارات.
ومن المرجح أن نشهد مستويات مرتفعة من الطلب على تطبيقات وحلول الذكاء الاصطناعي التي تساهم بتعزيز رفاه وعافية المجتمع، وتوفّر بدائل لمحركات نمو الاقتصاد المحلي. ويشرفنا أن نحظى بدعم وتشجيع القيادة والمجتمع وهذه فرصة قد لا تحظى بها جامعات أخرى للدراسات العليا. وتجسّد أبوظبي بيئة مفتوحة تمنح المبتكرين فرصة استكشاف وتجربة أفكار جديدة وتحقيق الازدهار والتقدم في مساراتهم المهنية.
ومن حيث البنية التحتية، تعتبر أبوظبي من أفضل الوجهات في العالم لحياة مريحة والتمتع في الوقت نفسه باستكشاف الثقافة المحلية الغنية، كأنها بوتقة جديدة تنصهر فيها الأفكار والثقافات للتعايش وابتكار شيء جديد. وحول تعيينه عضواً في مجلس برنامج الجينوم الإماراتي قال: «أفخر بكوني جزءاً من هذه المبادرة بصفتي رئيساً لجامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي. ويتولى سمو الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، عضو المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي رئيس مكتب أبوظبي التنفيذي، رئاسة مجلس برنامج الجينوم الإماراتي ويضطلع بمسؤولية تنظيم وتوجيه والإشراف على تنفيذ ودمج برنامج الجينوم الإماراتي ضمن قطاع الرعاية الصحية في جميع أنحاء الدولة.
ويهدف البرنامج إلى إحداث نقلة نوعية على مستوى صحة وعافية مواطني دولة الإمارات باستخدام علم الجينوم وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي. وإذا اعتبرنا أن علم الجينوم نوعٌ آخر من البيانات المكثفة، يمكن للذكاء الاصطناعي حينها أن يقدم طريقة قوية وفعالة للمساعدة في تفسير المعلومات. ويعزى هذا إلى الحجم الكبير للمعلومات المختزنة داخل الجينوم وقدرة أدوات الذكاء الاصطناعي على تحديد الأنماط ضمن البيانات بصورة أكثر كفاءة. ويبشر علم الجينوم بتحويل علاجات الطب الدقيق إلى واقع ملموس، ومن أولى خطوات هذا المسعى ترجمة البيانات الجينومية من مورد غير مفهوم إلى أصول طبية قيّمة. ويمكن للذكاء الاصطناعي فقط أن ينفذ هذه المهمة على نطاق واسع وبتكاليف معقولة نسبياً».